الخرف من أكثر الأمراض تعقيداً وغموضاً في العصر الحديث، فهو لا يرتبط فقط بضعف الذاكرة أو ما يُعرف بلحظات الشيخوخة، بل قد يظهر في أشكال متعددة وغير متوقعة، التعرف على هذه العلامات المبكرة يساعد بشكل كبير في التشخيص المبكر، وهو خطوة أساسية لبدء مسار العلاج والتعامل المرض والتخفيف من حدته، وفقاً لموقع جريدة “التليجراف”.
إحدى القصص التي سلطت الضوء على هذه الأعراض الخفية للخرف كانت مع الممثل العالمي بروس ويليس، الذي شُخص بالخرف الجبهي الصدغي، زوجته إيما وصفت في كتابها الجديد “الرحلة غير المتوقعة” كيف بدأت تلاحظ تغيرات دقيقة في شخصيته وسلوكه، مثل التلعثم وصعوبة الكلام وتجاهل العائلة، وهي إشارات دفعتها إلى القلق والبحث عن الأسباب.
الخرف الجبهي الصدغي يحدث نتيجة تراكم كتل بروتينية ضارة في الفصين الأمامي والصدغي للدماغ، ويؤدي إلى تغييرات في الشخصية والسلوك واللغة والقدرة على التخطيط، وهي أعراض قد تسبق فقدان الذاكرة بفترة طويلة.
أهمية التشخيص المبكر
البروفيسور جوناثان شوت، كبير المسئولين الطبيين في مؤسسة أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة، يؤكد أن الخرف لا يقتصر على الذاكرة وحدها فهناك من يُصابون بالخرف بينما تبقى ذاكرتهم جيدة، لكنهم يعانون من مشاكل في البصر أو السلوك.وأضاف أن التغيرات الدماغية المسببة للخرف تبدأ سنوات طويلة قبل ظهور الأعراض.
التشخيص المبكر يفتح الباب أمام مسارات علاجية جديدة، ومن المتوقع أن يُستخدم قريباً في هيئة الخدمات الصحية البريطانية فحص دم متطور يُعرف باسم “بلازما p-tau217” لاكتشاف بروتينات مرتبطة بمرض الزهايمر، وهو ما قد يحدث ثورة في طرق التشخيص.
علامات غير تقليدية للخرف
الخبراء يشيرون إلى مجموعة من العلامات غير المألوفة التي قد تدل على بداية الخرف، ومنها:
-تغير عادات الأكل
الميل إلى تناول أطعمة جديدة أو النفور من أطعمة معتادة، إضافة إلى الرغبة الشديدة في السكريات، خصوصاً لدى المصابين بالخرف الجبهي الصدغي.
-الأحلام المزعجة والمكثفة
أظهرت دراسة أن الأحلام العنيفة أو المليئة بالحركة قد تكون مؤشراً على التدهور المعرفي.
-سلوكيات غير مألوفة
مثل تناول الطعام من طبق الآخرين أو ارتداء ملابس غير مناسبة للموقف.
-فقدان التعاطف أو حس الدعابة
وهو من العلامات المبكرة للخرف الجبهي الصدغي.
-مشاكل في الرؤية
كصعوبة تحديد موقع الأشياء أو إدراك العمق، ما قد يؤدي إلى السقوط أو الاصطدام.
-الهلوسة البصرية
شائعة لدى المصابين بخرف أجسام ليوي، وتظهر عادة على شكل صور أو أشخاص صغار الحجم.
-مشاكل في اللغة
صعوبة في إيجاد الكلمات المناسبة أو فهم المعاني، وهو ما يُعرف بفقدان القدرة التدريجي على الكلام.
التفرقة بين النسيان العادي والخرف
يشدد الأطباء على أن بعض هذه الأعراض قد تكون مرتبطة بأسباب أخرى مثل قلة النوم أو الاكتئاب، لذلك من المهم تقييمها بدقة وعدم التسرع في الحكم. المقارنة مع الأشخاص في نفس العمر والسماع لملاحظات العائلة يساعدان على كشف الفروق.
متى يجب طلب المساعدة؟
في حال ظهور هذه الأعراض أو ملاحظتها لدى أحد أفراد العائلة، يُنصح بزيارة الطبيب.
الخرف يصيب أكثر من 944 ألف شخص في بريطانيا وحدها، ومن المتوقع أن يتجاوز العدد المليون بحلول عام 2030 وبينما لا يزال العلاج النهائي بعيداً، فإن الوعي بالعلامات المبكرة يمثل الأمل الأبرز لإدارة المرض بشكل أفضل وتخفيف آثاره على المرضى وأسرهم.