منذ فجر التاريخ، شكّل خسوف القمر حدثًا لافتًا للإنسان، مشهد القمر وهو يتغير لونه أو يختفي جزئيًا من السماء دفع الشعوب القديمة إلى نسج الأساطير حوله، بين من اعتبره نذيرًا للشؤم، ومن ربطه بتغيرات كونية كبرى. أما اليوم، فقد تحول الخسوف إلى ظاهرة فلكية محسوبة يمكن التنبؤ بموعدها بدقة، وفهمها بالعلم لا بالخرافة.
ما هو خسوف القمر؟
خسوف القمر يحدث عندما تقع الأرض بين الشمس والقمر، فتحجب ضوء الشمس عن القمر كليًا أو جزئيًا، وبما أن القمر لا يضيء من ذاته، فإن مروره في ظل الأرض يجعله يبدو معتمًا أو مائلًا إلى الاحمرار. ولا يحدث الخسوف إلا عندما يكون القمر بدرًا كاملًا، أي في منتصف الشهر القمري.
الأنواع الثلاثة للخسوف
العلماء يصنفون الخسوف إلى ثلاثة أشكال:
1. الخسوف الكلي: يدخل القمر بكامله في ظل الأرض، ويظهر بلون أحمر نحاسي فيما يعرف بـ”قمر الدم”.
2. الخسوف الجزئي: يُحجب جزء من القمر فقط، فيظهر جزء مضيء وآخر مظلم.
3. الخسوف شبه الظلي: يمر القمر عبر منطقة شبه الظل، فيبدو باهت الإضاءة، وأحيانًا لا يلاحظه غير المتخصصين.
لماذا يتحول القمر إلى اللون الأحمر؟
أثناء الخسوف الكلي، تمر أشعة الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض قبل أن تصل إلى القمر، هذا الغلاف ينثر الألوان الزرقاء ويترك الأحمر والبرتقالي، فينعكس على سطح القمر ليبدو بلون مائل إلى الدموي. إنها نفس الظاهرة التي تجعل السماء حمراء عند الشروق والغروب.
القيمة العلمية للظاهرة
خسوف القمر ليس مجرد عرض بصري، بل فرصة علمية ثمينة:
• يمكن من خلاله دراسة الغلاف الجوي للأرض عبر تحليل الضوء المنكسر.
• يساعد في رصد مدار القمر وتغيراته بدقة عالية.
• يمثل أداة تعليمية وتقريبية لعلوم الفلك لعامة الناس، حيث يمكن مشاهدته بسهولة بالعين المجردة.
رؤية الخسوف وأمان المشاهدة
على عكس كسوف الشمس، فإن مشاهدة خسوف القمر آمنة تمامًا، ولا تتطلب أي أدوات خاصة لحماية العين، ورغم أن العين المجردة تكفي، إلا أن استخدام المناظير أو التلسكوبات يعطي تفاصيل أوضح لسطح القمر ومراحله المختلفة.
الخسوف في الثقافة الشعبية
ظل الخسوف لعصور طويلة محاطًا بالخرافات، من أساطير الصين التي تحدثت عن تنين يبتلع القمر، إلى حضارات ربطته بالحروب والكوارث، أما اليوم، فقد أصبح مناسبة اجتماعية وعلمية، حيث يتجمع الناس لمتابعته في المراصد أو عبر الفعاليات الفلكية العامة.
متى يمكن رؤيته؟
يحدث خسوف القمر بمعدل يتراوح بين مرتين إلى خمس مرات في السنة، لكن ليس جميعها يكون كليًا. وتختلف إمكانية رؤيته باختلاف الموقع الجغرافي؛ فقد يشاهد كاملاً في قارة ما ويغيب عن أخرى.