قالت الدكتورة ندى الدمياطي، استشاري أمراض الكبد والجهاز الهضمي والمناظير وزراعة الكبد بجامعة حلوان، إن دور المنظار الطبي لم يعد محصوراً في الكبار فقط، بل أصبح وسيلة إنقاذ وتشخيص أساسية للأطفال أيضاً، خصوصاً عند ابتلاعهم أجساماً غريبة أو ظهور أعراض مرضية مقلقة يصعب تحديد سببها بالفحوص التقليدية.
كيف يعمل المنظار وما يميزه؟
المنظار عبارة عن أنبوب مرن مزود بكاميرا وأدوات دقيقة يتيح للطبيب رؤية مباشرة لبطانة المريء والمعدة والأمعاء، هذه التقنية تمنح الطبيب فرصة للتشخيص الفوري، وفي الوقت نفسه القدرة على التدخل العلاجي، كإزالة نزيف أو استئصال جسم غريب، وبخلاف الأشعة أو السونار التي تقدم صوراً عامة، يقدم المنظار مشهداً حيّاً من داخل الجسم، بما يضمن دقة أعلى فى التشخيص.
ابتلاع الأجسام الغريبة عند الأطفال
تشير الدكتورة ندى إلى أن الأطفال أكثر عرضة لابتلاع أجسام خطيرة مثل العملات المعدنية، الأزرار، قطع البلاستيك الصغيرة أو حتى البطاريات الدائرية. هذه الأجسام قد تستقر في المريء أو المعدة، وتشكل تهديداً مباشراً لحياة الطفل. المنظار هنا يثبت جدارته، حيث يمكن للطبيب الإمساك بالجسم الغريب بواسطة أدوات دقيقة وسحبه خارج الجهاز الهضمي دون جراحة مفتوحة. وقد أُنقذت بالفعل مئات الحالات بفضل التدخل السريع بالمنظار.
متى نلجأ لمنظار الأطفال؟
لا يقتصر دور المنظار على حالات ابتلاع الأجسام الغريبة، بل يُلجأ إليه أيضاً عند استمرار القيء أو الترجيع المزمن، أو في حال وجود صعوبة في البلع، أو عند الاشتباه بعيوب خلقية في المريء والمعدة.
جاءت هذه التصريحات على هامش المؤتمر الثاني للتمكين ودعم المرأة في مجال مناظير الجهاز الهضمي والكبد، حيث تم التأكيد على أهمية تدريب الأطباء وتطوير خبراتهم في هذا المجال الحيوي.
بين التشخيص والعلاج.. فارق جوهري
يتميز المنظار بكونه يجمع بين التشخيص والعلاج في الوقت نفسه، على عكس الفحوص الأخرى التي تكتفي بالكشف عن صور أولية. على سبيل المثال، يمكن للمنظار اكتشاف نزيف داخلي سببه دوالي المريء أو قرحة نشطة، وفي اللحظة نفسها إيقاف النزيف بأدوات خاصة. هذه القدرة المزدوجة جعلت المناظير خياراً لا غنى عنه في إنقاذ المرضى وتقليل الحاجة للجراحات التقليدية.
الوقاية والكشف المبكر
تؤكد الدكتورة ندى أن المناظير ليست مجرد وسيلة للتدخل في الطوارئ، بل لها دور وقائي من خلال متابعة المرضى الأكثر عرضة للقرح أو الأورام، خصوصاً من لديهم تاريخ عائلي أو أمراض مزمنة مثل التهاب الكبد أو ارتجاع المريء المزمن. الفحص المبكر عبر المنظار يساعد على اكتشاف التغيرات في مراحلها الأولى، مما يزيد من فرص العلاج الناجح.
تشدد الدكتورة ندى الدمياطي على أن المنظار الطبي أصبح خط الدفاع الأول في التعامل مع أمراض الجهاز الهضمي وإنقاذ حياة الأطفال والكبار على حد سواء. فهو أداة دقيقة للتشخيص، ووسيلة علاجية فعالة، وحل آمن لإزالة الأجسام الغريبة دون تدخل جراحي، إضافة إلى دوره الكبير في الوقاية من مضاعفات خطيرة قد تهدد حياة المريض.