تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من نصف الأمهات اللاتى يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة لا يتم تشخيصهن ولا يتلقين العلاج، ولكن عندما تُمنح النساء أدوات الصحة النفسية الأساسية بطريقة سهلة، يمكن الوقاية من المضاعفات الخطيرة التى يمكن أن تحدث بسبب تلك الحالة النفسية.
وبحسب موقع “Medical xpress”، نقلا عن مجلة JAMA Psychiatry، تشير الأبحاث الجديدة التى أجراها أطباء نفسيون وأطباء أمراض النساء والتوليد فى كلية الطب بجامعة نورث كارولينا، إلى أن العلاج خارجى قصير الأمد لاكتئاب ما بعد الولادة، يتطلب من المريضات الانخراط فى أنشطة إيجابية وذات مغزى.
ووفقا للدراسة فإن هذا التدخل الطبى النفسى، منخفض التكلفة والمبنى على الأدلة والقابل للتكيف، يقلل بشكل كبير من الأفكار الانتحارية المرتبطة باكتئاب ما بعد الولادة، بنسبة 80% بعد ست إلى ثماني جلسات فقط.
وقالت الدكتورة كريستال شيلر، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي بكلية الطب بجامعة نورث كارولينا إن مضاعفات اكتئاب ما بعد الولادة ممكن أن تكون مدمرة، ليس فقط لحياة المرأة، بل لعائلتها بأكملها، لذلك من الضرورى التوصل إلى علاجات فعالة في هذا المجال، وسريعة المفعول، ويمكن توفيرها من خلال وسائل متنوعة.
تفاصيل الدراسة
استمدت دراسة كلية الطب بجامعة نورث كارولينا بياناتها من تجربة سريرية واسعة النطاق، تسمى “توسيع نطاق رعاية الصحة النفسية للأمهات من خلال زيادة فرص الحصول على العلاج”، والتى تهدف بشكل رئيسى إلى تحسين فرص حصول النساء الحوامل والأمهات الجدد على رعاية الصحة النفسية.
وتشمل الدراسة 1,117 امرأة حامل وبعد الولادة، يعانين من أعراض الاكتئاب، وإذا أعربت أى من المريضات عن أفكار أو ميول انتحارية على مدار أسبوع، يتم التعامل معهن بشكل مباشر في جلسة العلاج، ويتدخل فريق البحث بين جلسات التحليل السلوكي لمعالجة تلك الأفكار، والتى من الضرورى أن يتم أخذها دائمًا على محمل الجد لأنها أفضل طريقة لمنع تفاقم الحالة.
لعلاج الاكتئاب أثناء الحمل وبعده، لجأ الباحثون إلى ما يُعرف بالتنشيط السلوكي، وهو علاج نفسي خالٍ من الأدوية، يتضمن غالبًا إشراك المرضى في أنشطة إيجابية وهادفة لمواجهة المشاعر السلبية وأعراض الانسحاب، يتخذ هذا النوع من العلاج أشكالًا مختلفة، حسب حالة المرأة ودرجة اكتئابها.
النتائج
وجد الباحثون أن احتمالات الاعتراف بالأفكار التى تتضمن إيذاء للنفس أو التعبير عنها، انخفضت بنسبة 25% مع كل جلسة علاج، وبعد ثلاثة أشهر، أي بعد حوالي ست إلى ثماني جلسات، انخفضت تلك الأفكار بنسبة 80%.
وقالت الدكتورة باريسا كاليوش، الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة نورث كارولينا، إنه يمكن لهذا العلاج النفسي الموجز والقابل للتطوير أن يُقلل من المعاناة النفسية في واحدة من أكثر مراحل حياة المرأة حساسية، والأهم من ذلك، أن هذا النهج يُناسب مختلف أنواع الأطباء وأساليب تقديم الرعاية، مما يجعله أداة واعدة لتوسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم.