كشفت بيانات أوروبية جديدة أن أزمة أسعار الطاقة داخل بلدان الاتحاد الأوروبى لا تزال تبحث عن حل يوائم تطلعات الشركات والمواطنين رغم مرور عام على التقرير الشهير الذى أعده الرئيس السابق للبنك المركزى الأوروبى ماريو دراجى وحذر فيه من ضعف تنافسية الاتحاد الأوروبى بسبب تكاليف الطاقة الباهظة.
وذكر تحليل صدر عن مركز الدراسات الديمقراطية حصلت عليه مجلة “بوليتيكو” المختصة في الشأن الأوروبي، أن مؤشرات التعرض لصدمات أسعار الطاقة ارتفعت أكثر من خمسة أضعاف خلال السنوات الثلاث الماضية، ما جعل القارة أكثر هشاشة أمام أي تقلبات جديدة.
وقال مارتن فلاديميروف، وهو أحد معدي التحليل – في تصريح خاص للمجلة – “بعد عام من توصيات دراجي لتعزيز أسواق الطاقة الأوروبية، تظهر بياناتنا أن مخاطر القدرة على تحمل التكاليف لا تزال مرتفعة، حيث بقيت أسعار التجزئة أعلى بنسبة 40 إلى 70% عن مستويات ما قبل الأزمة في معظم دول أوروبا الوسطى والشرقية”.
وأشار التحليل كذلك إلى أن قدرة المستهلكين والشركات على تحمل الأسعار أصبحت تمثل التهديد الأكبر أمام استقرار الطاقة في الاتحاد الأوروبي، متجاوزة حتى المخاطر الناجمة عن استخدام روسيا للطاقة كسلاح جيوسياسي أو تحديات التحول المناخي.
وحذر مركز الدراسات الديمقراطية من أن “هذا الأمر لا يؤثر على ثقة المواطنين فحسب، بل يؤثر أيضا على قدرة الشركات على المنافسة عالميا”.. مضيفا “لكي تنجح أوروبا في المرحلة التالية من تحولها في مجال الطاقة، يجب عليها ضمان أن تكون الطاقة النظيفة ليس فقط متاحة، بل في متناول الجميع ومجدية اقتصاديا”.
ورجح التحليل بأن نقاط الضعف في أحد المجالات قد تمتد أيضا إلى مجالات أخرى، مما يفاقم الانقسامات الرئيسية، والتي غالبا ما تكون تاريخية وقائمة بالفعل بين دول الاتحاد الأوروبي.. وحذر من أن فشل الاتحاد في معالجة الفجوة بين أمن الطاقة بين دوله يهدد بترسيخ التفاوت الإقليمي وتقويض سيادته الاقتصادية وأهدافه المناخية.
وكان دراجي قد كتب في تقريره في سبتمبر 2024 أن “شركات الاتحاد الأوروبي لا تزال تواجه أسعار كهرباء أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات من أسعارها في الولايات المتحدة، وأسعار الغاز الطبيعي المدفوعة أعلى بأربعة إلى خمسة أضعاف، وهذه الفجوة السعرية مدفوعة في المقام الأول بنقص الموارد الطبيعية في أوروبا، ولكن أيضا بقضايا جوهرية في سوق الطاقة المشترك لدينا”.
وكانت إحدى التوصيات الرئيسة لدراجى تفعيل برامج ضخمة للاستثمار الحكومي والخاص في شبكات الكهرباء المتقادمة، والتي يحذر الخبراء من عدم كفاءتها وكونها مصدرا رئيسيا للتكاليف الإضافية، فضلا عن أن تحقيقها يستلزم تخصيص 584 مليار يورو كتمويل إضافي للبنية التحتية للكهرباء بحلول عام 2030، وما يصل إلى 2.29 تريليون يورو بحلول عام 2050.