الحليب جزء أساسى من النظام الغذائى للإنسان، لكن الجدل لا يزال قائمًا منذ عقود حول أيهما أكثر فائدة لصحة القلب: الحليب كامل الدسم أم الحليب قليل الدسم أو الخالي من الدسم، وفقا لموقع very well health.
ركزت الإرشادات الغذائية الرسمية على تقليل استهلاك الدهون المشبعة، وهو ما جعل منتجات الألبان كاملة الدسم في دائرة الاتهام فقد اعتُبر أن محتواها العالي من الدهون المشبعة يشكل خطرًا على صحة القلب والأوعية الدموية وبناءً على ذلك، أُزيل الحليب كامل الدسم من المدارس الأمريكية عام 2012 إلا أن هذا التوجه بدأ يتغير في السنوات الأخيرة، مع ظهور أبحاث جديدة تؤكد أن منتجات الألبان كاملة الدسم قد لا تكون بالضرر الذي كان يُعتقد سابقًا، بل وقد تحمل بعض الفوائد الصحية.
يعود هذا الجدل إلى اختلاف مكونات الحليب فالكوب الواحد من الحليب كامل الدسم يحتوي على نحو 5 جرامات من الدهون المشبعة، بينما يخلو الحليب خالي الدسم منها تمامًا ومع ذلك، فإن كليهما يوفر نفس الكمية من البروتين (8 جرامات) والكالسيوم (300 ملجم)، بالإضافة إلى العناصر الغذائية الأساسية الأخرى.
الفارق الأكبر يكمن في السعرات الحرارية، حيث يحتوي كوب الحليب كامل الدسم على 149 سعرا حراريا، في حين أن كوب الحليب خالي الدسم يحتوي على 91 سعرا حراريا فقط.
من الناحية النظرية، توصي التوصيات الغذائية بألا يتجاوز استهلاك الفرد البالغ 13 جرامًا من الدهون المشبعة يوميًا في نظام غذائي يعتمد على 2000 سعرة حرارية لهذا السبب، تجنب كثيرون الحليب كامل الدسم على اعتبار أنه مصدر مهم لهذه الدهون.
لكن الدراسات الحديثة، كما يؤكد خبراء التغذية، أظهرت أن منتجات الألبان لا تؤثر بشكل مباشر وكبير على زيادة أو تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، مقارنة بالدهون المشبعة الأخرى الموجودة في اللحوم المصنعة أو الزيوت المهدرجة.
وتوضح بيثاني دورفلر، أخصائية التغذية البحثية السريرية في معهد صحة الجهاز الهضمي في نورث وسترن ميديسن، أن الحليب كامل الدسم ليس أكثر فائدة من الحليب قليل الدسم، لكنه أيضًا ليس ضارًا كما كان يُعتقد.
وأضافت أن الدهون الموجودة في الحليب قد تحمل بعض الفوائد الصحية بفضل اختلاف تركيبها عن الدهون المشبعة الأخرى.وهنا يبرز عامل مهم، وهو أن الدهون المشبعة ليست جميعها متساوية في تأثيرها على الجسم فمنتجات الألبان تحتوي على أحماض دهنية قصيرة ومتوسطة السلسلة، وهي تختلف عن الأحماض الدهنية طويلة السلسلة الموجودة بكثرة في اللحوم المصنعة والدهنية هذا الفارق يجعل الدهون في منتجات الألبان أقل ارتباطًا بمخاطر القلب من الدهون الحيوانية الأخرى.
تؤكد كارولين ويست باسريلو، المتحدثة باسم أكاديمية التغذية وعلم التغذية الأمريكية أن “الأدلة الناشئة تشير إلى أن الحليب كامل الدسم والزبادي والجبن لا يزيدون من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنفس الدرجة التي تزيدها اللحوم الدهنية والزبدة”.
هل يعني ذلك أن الحليب كامل الدسم أكثر صحة؟ الجواب يعتمد على عدة عوامل فمن حيث العناصر الغذائية، لا يوجد فرق يُذكر بين كامل الدسم وخالي الدسم لكن من حيث السعرات الحرارية، يمد الحليب كامل الدسم الجسم بطاقة إضافية قد تكون غير مناسبة لمن يحاولون التحكم في أوزانهم أو الالتزام بحمية منخفضة السعرات.
في المقابل قد يكون الحليب كامل الدسم خيارًا أفضل للأشخاص الذين لا يعانون من مشكلات الوزن أو أمراض القلب، ويرغبون في الاستفادة من نكهته الغنية وإحساسه بالشبع لفترة أطول، بينما يظل الحليب قليل أو خالي الدسم الخيار الأكثر ملاءمة لمن يسعون إلى تقليل السعرات أو التحكم في الدهون.
القرار لا يتعلق فقط بالحليب بحد ذاته، بل بالنظام الغذائي الكامل للفرد فإذا اختار الشخص استهلاك الحليب كامل الدسم، فمن الأفضل تقليل مصادر أخرى للدهون المشبعة كاللحوم المصنعة أو الأطعمة المقلية، أما إذا كان الهدف خفض السعرات الحرارية، فقد يكون الحليب قليل الدسم هو الاختيار الأمثل.
وفي جميع الأحوال، يبقى الحليب – سواء كامل الدسم أو خالي الدسم – مصدرًا مهمًا للبروتين والكالسيوم والفوسفور، وهي عناصر أساسية لصحة العظام والعضلات وتنظيم ضغط الدم وبالتالي، يعتمد الأمر في النهاية على التوازن الغذائي وتفضيلات الذوق الشخصية، وليس على قاعدة صارمة تحظر نوعًا وتسمح بآخر.