يشهد سوق الألماس العالمي خلال عام 2025، حالة من التذبذب الملحوظ، بعد فترة من الضغوط على الطلب في السنوات الأخيرة، في حين يحافظ الذهب على مكانته كملاذ آمن للمستثمرين محققا قرابة 36% منذ بداية العام، فلماذا لا يتحرك الألماس صعودا مع الذهب؟.
ويقول إيهاب واصف رئيس شعبة المعادن الثمينة، إن الألماس سلعة فاخرة أكثر ارتباطًا بذوق المستهلك وقدرته الشرائية، ما يخلق فوارق جوهرية في آليات التسعير وأداء السوق مقارنة بالذهب الذي له أبعاد كبيرة ويتأثر بالفائدة والتقارير الاقتصادية وشراء البنوك المركزية وصناديق الاستثمار.
وفي النصف الأول من العام الحالي، أعلنت شركة De Beers أن متوسط السعر المحقق لبيع الألماس الخام تراجع إلى نحو 155 دولارًا للقيراط، وهو ما يعكس ضعف الطلب العالمي.
كما لجأت شركة Debswana إلى خفض إنتاجها، في محاولة لامتصاص فائض المعروض وإعادة التوازن إلى السوق، وهي خطوة تكشف عن مدى تحكم كبار المنتجين في مسار الأسعار.
وأضاف في تصريحات خاصة، أن الأحجار الكبيرة والفاخرة ذات اللون والوضوح العاليين استقرت أسعارها أو سجلت زيادات طفيفة، في حين تعرضت القطع الصغيرة، والمتوسطة الجودة لضغوط متزايدة، هذا التباين يعكس حقيقة أن سوق الألماس ليس كتلة واحدة، بل يتشكل من شرائح متعددة تختلف في الأداء والطلب.
تختلف أسعار الألماس في مصر بناءً على عدة عوامل، أهمها وزن الحجر (القيراط)، درجة النقاء، لون الحجر، ومستوى القطع الذي يُعد أحد المؤثرات الرئيسية في إبراز جمال الحجر وقيمته السوقية، وهذه العوامل تجعل أسعار الألماس في السوق متباينة، حيث تُحدد قيمة كل قطعة بناءً على تصنيفها وفقًا للمعايير الدولية للأحجار الكريمة.
على المستوى المحلي، لا يوجد مؤشر رسمي موحد لأسعار الألماس كما هو الحال في الذهب، ويعتمد السعر النهائي للمستهلك على عوامل عدة أبرزها مواصفات الحجر من حيث الوزن واللون والوضوح والقطع، بالإضافة إلى شهادة الجودة الدولية مثل GIA أو IGI، وهو ما يجعل الفارق بين تاجر وآخر كبيرًا حتى داخل السوق نفسه.
إلى جانب ذلك، تؤثر تكلفة الاستيراد والرسوم الجمركية والضرائب على الأسعار النهائية، فضلًا عن هوامش الربح التي يضيفها تجار التجزئة، وفق إيهاب واصف، الذي يؤكد أن السعر يختلف حسب القيراط وعوامل أخري.
وأشار إلى أن الذهب يستخدم على نطاق واسع كأداة للتحوط ضد التضخم ومخاطر الأسواق، بينما يظل الألماس سلعة فاخرة مدفوعة بالطلب الاستهلاكي على المجوهرات والهدايا، هذا الفارق يجعل الذهب أكثر حساسية للتحولات الاقتصادية والسياسية، في حين يتأثر الألماس بعوامل الموضة والمناسبات الاجتماعية وتوجهات المستهلكين.
وتابع “واصف”، ” العلاقة بين الذهب والألماس ضعيفة للغاية، بل يمكن القول إنهما يسيران في مسارين منفصلين تمامًا، الذهب يظل أصلا استثماريا واحتياطيا، أما الألماس فجزء كبير من قيمته يأتي من الندرة والتسويق والرمزية الاجتماعية، وليس من آليات العرض والطلب في الأسواق المالية وحدها.
وأشار إلى أن مستقبل أسعار الألماس سيظل مرهونًا بمدى توازن العرض والطلب العالمي، وقدرة المنتجين على إدارة فائض المعروض.
من الجدير بالذكر أن أسعار الألماس ليست ثابتة، بل تتأثر بعدة عوامل، منها التغيرات الاقتصادية العالمية، أسعار العملات، ومدى توفر الأحجار الكريمة في السوق المحلي، لذا يُنصح دائمًا المشترون بالتعامل مع متاجر معتمدة وضمان حصولهم على شهادات جودة موثوقة تثبت أصالة ونقاء الحجر.
الألماس ليس مجرد زينة، بل يُعد استثمارًا طويل الأجل يلجأ إليه الكثيرون للحفاظ على قيمة أموالهم وسط التقلبات الاقتصادية، وبينما تواصل أسعار الألماس استقرارها اليوم، يبقى هذا الحجر الكريم أحد أهم الأصول التي تجمع بين الجمال والقيمة في الوقت ذاته